أمل عبدربه





هو العلاء بن عبد الله الحضرمي، كان أبوه قد سكن مكة، وحالف "حرب بن أمية " والد أبي سفيان، كان للعلاء عدة أخوة منهم "عمرو" الذي كان مشركًا وقتل في بدر، وبسببه كانت الغزوة..

    أسلم " العلاء" مبكرًا، وكان من كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، بعثه رسول الله إلى أهل عمان ليعلمهم شرائع الإسلام ويصدق أموالهم، ولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم البحرين، وثبته عليها أبا بكر، ويقال أن عمر ولاه البصرة فتوفي قبل أن يصل إليها.

    كان أول من غزا بلاد فارس في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنهما عام 17 هـ، خرج بجيوشه بحرًا وخرجوا بـ"اصطخر"، فقاتلهم قتالاً عنيفًا وانتصر عليهم.



قال ابن أبي الدنيا : حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء الهمداني ، قال : ثنا ابن فضيل ، قال : ثنا الصلت بن مطر الخالدي ، عن عبد الملك ابن أخت سهم بن منجاب ، قال : سمعت سهما يقول : غزونا مع العلاء بن الحضرمي دارين ، فدعا بثلاث دعوات فاستجاب الله فيهن كلهن.

قال : فسرنا معه.

قال : فنزلنا منزلا ، وطلبنا الوضوء ، فلم نقدر عليه ، فقام فصلى ركعتين ، ثم دعا الله فقال : " اللهم يا عليم يا حليم ، يا علي يا عظيم ، إنا عبيدك ، وفي سبيلك نقاتل عدوك ، فاسقنا غيثا نشرب منه ونتوضأ من الأحداث ، وإذا تركناه فلا تجعل لأحد منه نصيبا غيرنا ".

قال : فما جاوزنا غير بعيد فإذا نحن بنهر من ماء سماء يتدفق.

قال : فنزلنا فتروينا وملأت أدواتي.

ثم تركتها وقلت : لأنظرن هل أستجيب له.

قال : فسرنا ميلا أو نحوه ، فقلت لأصحابي بأني نسيت أدواتي ، فذهبت إلى المكان ، فكأنما لم يكن فيه ماء قط ، فأخذت أدواتي ، فجئت بها ، فلما أتينا دارين وبيننا وبينهم البحر فدعا الله أيضا ، قال : " يا عليم يا حليم ، يا علي يا عظيم ، إنا عبيدك وفي سبيلك نقاتل عدوك ، فاجعل لنا سبيلا إلى عدوك ".

ثم تقحم بنا إلى البحر ، فوالله ما ابتلت سروجنا حتى خرجنا إليهم ، فلما رجعنا اشتكى البطن فمات ، فلم نجد ماء نغسله به ، فلففناه في ثيابه فدفناه ، فلما سرنا غير بعيد ، إذا نحن بماء كثير ، فقال بعضنا لبعض : ارجعوا نستخرجه فنغسله.

فرجعنا فطلبنا قبره ، فخفي علينا قبره وما نقدر عليه ، فقال رجل من القوم : إني سمعته يدعو الله يقول : " اللهم يا عليم يا حليم يا عظيم ، أخف جدثي ولا تطلع على عورتي أحدا ".


من مناقبة
قال ابن أبي الدنيا - رحمه الله - حدثنا الحسن بن عرفة حدثنا عمرو بن جرير عن عمر بن ثابت الخزرجي قال: دخلت في أذن رجل من أهل البصرة حصاة فعالجها الأطباء فلم يقدروا عليها حتى وصلت إلى صخامة فأسهرت ليله ونغصت عيش نهاره، فأتى رجلاً من أصحاب الحسن، فشكا ذلك إليه فقال: ويحك إن كان شيء ينفعك فدعوة العلاء بن الحضرمي التي دعا بها في البحر وفي المفازة قال: وما هي؟ قال: «يا علي يا عظيم، يا عليم يا حليم» قال: فدعا بها، فوالله ما برحنا حتى خرجت من أذنه ولها طنين حتى صكت.



وفاته:

    توفي سنة أربع عشرة ومنهم من يقول: إنه تأخر إلى سنة إحدى وعشرين... بنياس من أرض بني تميم.







يوم التوابين 
 ضاق المسجد الكبير على سعته بالحشد الكبير من المسلمين الذين تعلقت عيونهم في محبة وإكبار بمالك بن دينار ( وكان من كبار الزهاد العباد ) وقد جلس على مقعده في صمت عميق ثم رفع رأسه . فرأى الناس منظراً ما شاهدوه قط على فقيه العراق وإمام وواعظ مسجد الكوفة . فقد كانت عيناه مليئتان بالدموع . وقد بللت دموعه الصامتة لحيته إذ راعه هذا الحشد الذي جاء مستمعاً له اليوم بعدما أعلنهم بالأمس أنه سيحدثهم عن أمر ما لا يعرفوه وما يجب أن
يعرفوه .. وبدأ الإمام مالك يتكلم وبدأ صوته يمس أعماق قلوب سامعيه ومحبيه حتى ظن أن الصوت قادم من بعبيد فحمد الله تعالى وصلى على نبيه ثم دعا لسامعيه وعارفيه بالخير والمغفرة لأنهم يحسنون به الظن وقال : قلت لكم بالأمس إني محدثكم في الغد بإذن الله عن هذا العبد الفقير إلى الله تعالى الذي تستمعون إليه عن مالك فإني أعلم من نفسي ما لا تعلمون وأنتم تحسنون بي الظن جزاكم الله خيراً . فقد كنت في شبابي شرطياً ظالماً وقد كلفت بالمحافظة على السوق فلم ينج من ظلمي أحد ولا من غلظتي فرد فكم من الناس اشتبكت معهم وآذيتهم يغفر الله لي ما تذكرتهم إلا وتقطعت نياط قلبي أسى على نفسي ولولا إيماني برحمة الله وفي رحمة الله لكنت اليوم غيري بكثير . ولم أترك يا إخواني من الموبقات شيئاً لم أفعله كنت أشرب الخمر وأضرب الناس وأتدخل فيما لا يعنيني من شئونهم حتى البيع والشراء وأناصر من يروقني حتى ولو كان ظالماً . وذات يوم كنت أسير في السوق فوجدت رجلين يختلفان على أمر بينهما واحد يشتري بضاعة والآخر يبيع له ويصر على أن يأخذ في بضاعته ثمناً معيناً والرجل الآخر يحاول أن يقلل منه . فنهرت المشتري وكدت أضربه بعصاي لولا أن شيئاً معيناً لا أعرفه منعني ونظرت إليه متأملاً فوجدته رجل أشيب الشعر على وجهه سمات الطيبين ممن الناس وأشار إلي بيده أن أتوقف قبل أن أحكم وعرض علي النزاع بينه وبين التاجر ، ولأول مرة في حياتي أنصت إلى شكاه وختم حديثه بأنه سمع حديثاً عن سيدنا رسول الله يقول فيه :" إذا ذهب أحدكم إلى السوق فاشترى أشياء تدخل المسرة على بناته نظر الله إليه " وأنا قادم من سفر وأردت قبل أن أذهب إلى بيتي شراء شيء يدخل المسرة على بناتي الثلاثة حتى ينظر الله إلي . ويقول مالك : وتأثرت من حديث الرجل واشتريت له البضاعة التي أرادها وأوصلته بها وتركته بعد أن سألته بالله أن يجعل بناته يدعون لي . ومرت الأيام ولا زال حديث الرجل معي يرن في أذني حتى رأيت جارية جميلة جداً تباع في السوق فوقعت في قلبي أجمل وقع وأحببتها فاشتريتها وتزوجتها وعشت معها أياماً سعيدة جداً أنستني فساد أمري وبدأت في الاستقامة خاصة عندما رزقنا الله بمولودة جميلة . ولكن لم تمض على وجود ابنتي أياماً حتى ماتت زوجتي وتركت ابنتنا يتيمة وعشت بعد ذلك سنتين لا أتزوج ولا هم لي غير العناية بابنتي التي صارت لي كل شيء في دنياي . وذات يوم عدت من عملي لأجد ابنتي تتألم وتتوجع وبحثت لها عن الدواء من خلال الأطباء ولكن أمر الله كان أبلغ وأسرع وضاعت ابنتي من على صدري وأخذت أضمها إلى قلبي ظناً مني أن الحياة ستدب فيها مرة أخرى أبللها بدموعي وأنادي عليها بحزن وبجزع قلبي ثم أسلمت أمري إلى الله وواريت وحيدتي التراب وهربت من نفسي ومن حياتي ومن واقعي إلى الألحان وأصبحت أعب الخمر وأعيش سكيراً كي لا أفيق إلى عالمي الحزين فأعرف ما فيه واشعر بفداحة مصيبتي ووحدتي . وعادت إلي غلظتي مع الناس والقسوة عليهم كأني أنتقم منهم وكأنهم هم الذين سلبوا مني امرأتي وابنتي وسعادتي حتى إني ذات يوم كنت أطوف بالسوق فرأيت امرأة تحمل قليلاً من الطعام فاغتصبته منها بالقوة ولم أهتم ببكائها أو صراخها ولا بعويل أطفالها الصغار . وذهبت ليلتها مبكراً إلى منزلي وكنا في النصف من شهر شعبان . ونمت نوماً عميقاً وبينما أنا على هذه الحالة إذ رأيت في عالم الرؤيا أن القيامة قد قامت ونفخ في الصور وحشرت الخلائق جميعاً وأنا معهم ثم سمعت صوتاً رهيباً مهولاً فالتفت فإذا بتنين (ثعبان) عظيم أسود أزرق فاتح فمه يتطاير الشرر من عينيه وهجم علي هذا التنين بشراسة فمررت بين يديه هارباً فزعاً حتى التقيت بشيخ ضعيف عاجز فهتفت به أنقذني وأجرني من هذا التنين أجارك الله فبكى إلي وشكى الضعف الذي هو فيه ثم قال أسرع لعل الله يقيض لك ما ينجيك منه فوليت هارباً مسرعاً على وجهي إلى أن صعدت على شرف وحافة ونهاية القيامة فأشرفت على طبقات النار فكدت أهوي فيها من فزعي والتنين من ورائي يلاحقني فصاح صائح ارجع فلست من أهلها . فرجعت من فزعي والتنين في طلبي فأتيت الشيخ أطلب منه الرحمة مرة ثانية فاشتكى إلي ضعفه تجاه الوحش الرهيب ثم قال

سر إلى هذا الجبل فإن فيه ودائع المسلمين فإن كان لك وديعة فتنصرك . فنظرت إلى جبل مستنير من فضة وستور معلقة على كل مكان مصراعات من ذهب أحمر يتوهج وعلى كل مصراع ستر من حرير يخطف جماله البصر فهرولت إليه والتنين من ورائي حتى إذا قربت منه صاح بعض الملائكة ارفعوا الستور وافتحوا المصاريع ثم رأيت أطفالاً كالأقمار واقترب التنين مني فاحترت في أمري فصاح بعض الأطفال ويحكم أشرفوا جميعاً فقد قرب منه عدوه فقدموا وفداً بعد وفد وإذا أنا بابنتي التي ماتت فنظرت إلي وبكت وقالت : أبي والله ، ثم وثبت في كفة من نور كرمية السهم حتى صارت عندي ومدت يدها الشمال إلى يدي اليمين وتعلقت بها ومدت يدها اليمنى إلى التنين فولى هارباً وأجلستني وقد بلغ الإعياء والتعب مني منتاه واحتضنتها إلى قلبي وقبلتها والدموع في عيني كأني أخشى أن أفقدها مرة أخرى ورفعت يدها إلى لحيتي وأخذت تداعبها ونظرت إلي بعينيها الجميلتين في حنان وحب خالص وقالت لي يا أبت : ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق فبكيت لما سمعت هذه الآية بكاء ما بعده بكاء أول مرة أسمعها وقلت لها : وأنتم تعرفون القرآن قالت : نحن أعرف به منكم ، قلت : فأخبريني عن التنين الذي أراد أن يهلكني قالت : ذلك عملك الشيء الشرير قويته فانقلب عليك يريدك في نار الجحيم قلت : والشيخ ؟ العجوز قالت : ذلك عملك الصالح أضعفته فلم يتمكن من نجدتك قلت : يا بنتي ماذا تفعلون في هذا الجبل قالت : أطفال المسلمين أسكنوا فيه إلى قيام الساعة ننتظركم تقدمون علينا فنشفع لكم . ففزعت فزعة شديدة قمت على إثرها من نومي والعرق يبللني كأنه مطر غزير أغرقني وأمسكت بعصاي فكسرت آلات الطرب وزجاجات الخمر وهتفت في قلبي إلى الله تائباً ولزمت الفراش بعدها أياماً لا أقوى على الحركة وظللت في هذه الفترة أستغفر الله وأتوب إليه وأسأله الرحمة وعرفت من يومها أن أخلص النية في سلوك طريق الله وكنت أعبد الله في الأيام الأولى لتوبتي بخوف شديد إذ1 أتمثل في معظم أوقاتي التنين مجسماً أمامي يريد أن يفترسني … وفي هذا الجو المليء بالخوف والرعب حبست نفسي عن الناس ومرت بنا أزمة شديدة إذ منع سقوط المطر فبدأنا ندعو الله ومع ذلك لم تهطل الأمطار فجف الزرع وأخذنا الظمأ حتى كان ذات يوم بقيت في المصلى أدعو الله بعد أن انفض الناس ولم يبق سواي إذا برجل أسود دقيق الساقين عظيم البطن يدخل فصلى ركعتين ثم رفع رأسه إلى السماء وقال : سيدي إلى كم يرد عبادك فيما لا ينقصك أنفذ ما عندك أقسمت عليك بحبك لي إلا أسقنا الساعة (الآن) فما كان ينتهي من دعائه حتى أمطرت السماء كأفواه القرب وهم الرجل بالانصراف فتعرضت له وقلت : أما تستحي أن تقول بحبك لي وما يدريك أنه يحبك قال لي : يا من اشتغل عنه بنفسه أين أنا كنت حينما اختصني بتوحيده دون غيري أتراه بدأني بذلك إلا لمحبته لي ، ألا تعلم أن الله تعالى واسع المغفرة عظيم المحبة لعباده ، ألم تسمع قوله تعالى : هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور وكان بالمؤمنين رحيماً وتركني وأنا في حالة من الذهول ومن يومها وأنا أقبل على الله دون أن أحس بالتنين… وصمت مالك بن دينار فترة ثم قال في قوة وخشوع : أيها الناس إن الله رحيم فأبشروا بالرحمة وبشروا الناس إن الله يحبكم حباً لو تعلمونه آه لو تعلمونه ما عصيتموه . أتحبون الله أيها الناس … إذن فاعلموا أن علامة محبة الله مداومة ذكره لأن من أحب شيئاً أكثر من ذكره ومن لم يأنس بمحادثة الله عن محادثة المخلوق فقد قل علمه وضيع عمره . توبوا إلى الله عباد الله ، وانتفض مالك قائماً فهب معه الناس قياماً يرددون التوبة الصادقة مع الله وإلى الله وحتى سمى هذا اليوم وقتذاك " بيوم التوابين ".
منقول

اللهم ياعظيم السلطان ياقديم الأحسان ياخفي اللطف
صل على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
اللهم أني أخاف منك وأخاف ممن لا يخاف منك اللهم بحق نحنا ممن يخاف منك وممن لايخاف منك           

لا إله إلا الله الحليم الكريم

* لا اله إلا الله العلى العظيم

* لا اله إلا الله رب السماوات السبع ورب العرش العظيم

* اللهم إنا نسألك زيادة في الدين

* وبركة في العمر

* وصحة في الجسد

* وسعة في الرزق

* وتوبة قبل الموت

* وشهادة عند الموت

* ومغفرة بعد الموت

* وعفواعند الحساب

* وأمانا من العذاب

* ونصيبا من الجنة

* وارزقنا النظر إلى وجهك الكريم *

اللهم أرحم موتانا وموتى المسلمين

واشفي مرضانا ومرضى المسلمين

* اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات

والمؤمنين والمؤمنات

الأحياء منهم والأموات إلي يوم الدين

* اللهم ارزقني قبل الموت توبة

وعند الموت شهادة

وبعد الموت جنة

* اللهم ارزقني حسن الخاتمة

* اللهم ارزقني الموت وأنا ساجد لك ياأرحم الراحمين

* * اللهم ثبتني عند سؤال الملكين

اللهم اجعل قبري روضة من رياض الجنة ولا تجعله حفرة من حفر النار

* اللهم إني أعوذ بك من فتن الدنيا

* اللهم أني أعوذ بك من فتن الدنيا

* اللهم أني أعوذ بك من فتن الدنيا

* اللهم قوي إيماننا ووحد كلمتنا وانصرنا على أعدائك أعداء الدين

* اللهم شتت شملهم واجعل الدائرة عليهم

* اللهم انصر إخواننا المسلمين في كل مكان

* اللهم ارحم آبائنا وأمهاتنا

واغفر لهم وتجاوز عن سيئاتهم وأدخلهم فسيح جناتك


وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن سار على طريقه واتبع هديه إلى يوم الدين 



قصة أي شيء فاتك يا محروم؟!

* قال قاسم بن عثمان الخزاعي: رأيت في الطواف حول البيت رجلاً، فأعجبني حاله، فتقربت منه، فإذا هو لا يزيد في دعائه على قوله:

«اللهم قضيت حاجة المحتاجين، وحاجتي لم تقض».. «اللهم قضيت حاجة المحتاجين وحاجتي لم تقض».. فقلت له: مالك لا تزيد على هذا؟!

فقال: سأحدثك حديثًا علَّ الله أن ينفعك به..

كنا سبعة رفقاء من بلدان شتى، غزونا أرض الروم، فوقعنا كلنا في الأسر، فاعتزل بنا بعض الروم إلى موضع ليضربوا أعناقنا.. فبينما نحن على تلك الحال.. نظرت إلى السماء.. فإذا سبعة أبواب مفتحة.. على كل باب جارية من الحور العين.. مع كل حوراء طست ومناديل!! فقدن رجل منا.. فضربت عنقه.. فرأيت واحدة منهن قد هبطت إليه.. ومسحت دمه بتلك المناديل.. ثم عادت.. وأغلق باب..

وهكذا.. حتى ضربت أعناق الستة.. وبقيت أنا.. ونظرت إلى السماء.. فإذا لم يبق إلا باب وجارية.. فلما قدمت لتضرب عنقي.. استوهبني أحد الروم.. فوهبت له.. وعفي عني.. فسمعتها تقول:

أي شيء فاتك يا محروم؟! ثم أغلقت الباب وأنا أنظر.. فلم أزل متحسرًا على ما فاتني حتى ألقاه!!





قصة ما أحبُّ أن أرجع..

قال أبو الوليد بن هشام بن يحيى الكناني: غزونا أرض الروم، وكنا نتناوب الخدمة والحراسة، وكان معنا رجل يقال له: (سعيد بن الحارث) قد أعطي حظًا من العبادة، لا تراه إلا صائمًا، أو قائمًا، أو ذاكرًا لله، أو قارئًا للقرآن، فكنت أعاتبه على كثرة اجتهاده، وأقول له: أرفق بنفسك.. فكان يقول: «يا أبا الوليد، إنما هي أنفاس تُعَدُّ، وعمر يفنى، وأيام تنقضي، وما ننتظر إلى الموت..».

قال أبو الوليد: فنام سعيد بن الحارث يومًا في خباء، وأنما في الحراسة. فسمعت كلامًا داخل الخباء، فدخلته.. فإذا بسعيد يتكلم في منامه ويضحك!!.. ويقول وهو نائم: «ما أحب أن أرجع.. ما أحب أن أرجع»!! ثم مد يده اليمنى وكأنه يتناول شيئًا.. ثم ردها إلى صدره ردًا رفيقًا وهو يضحك.. ثم وثب من نومه يرتعد.. فأتيته، واحتضنته إلى صدري وهو يلتفت يمينًا وشمالاً حتى سكن.. ثم جعل يهلل ويكبر ويحمد الله.

فقلت له: مالك يا سعيد؟ ما شأنك؟! وحكيت له ما رأيت من حاله في المنام.. فقال: يا أبا الوليد، أسألك بالله أن تكتم علي ما أحدثك به ما دمت حيًا.. فأعطيته العهد ألا أخبر بحديثه ما دام حيًا.. فقال لي: يا أبا الوليد.. رأيت في منامي هذا كأن القيامة قد قامت.. وخرج العباد من قبورهم.. شاخصة أبصارهم.. ثم أتاني رجلان لم أر مثلهما قطُّ حسنًا وكمالاً.. فقال لي: يا سعيد بن الحارث، أبشر: .. أبشر.. فقد غفر الله ذنبك، وشكر سعيك، وقبل منك عملك.. فانطلق معنا حتى نريك ما أعد الله لك من النعيم المقيم.. والرضوان العظيم..

قال سعيد: فانطلقت معهما على خيل كالبرق الخاطف، حتى أتينا إلى قصر عظيم، لا يقع الطرف على أوله ولا آخره ولا ارتفاعه.. كأنه نور يتلألأ.. فانفتح لنا، فإذا فيه من الحور الحسان.. ما لا يصفه واصف.. فإذا بهن يقلن: هذا ولي الله! جاء حبيب الله! مرحبًا بولي الله!!

قال: فسرنا حتى انتهينا إلى مجالس ذات أسرة من ذهب، مكللة بالجواهر، وإذا على كل سرير جارية حسناء لا أستطيع وصفها.. وفي وسطهن حوراء عالية عليهن.. يحار في حسنها الطرف.. ووثب الجواري نحوي بالترحيب والحفاوة، كما يصنع أهل الغائب بغائبهم إذا قدم عليهم.. فأخذنني، وأجلسنني إلى جانب تلك الحوراء.. وقلن لي: هذه هي زوجتك، ولك مثلها معها!!

قال سعيد: فقلت لها: أين أنا؟!

قالت: في جنة المأوى.

قلت: من أنت؟

قالت: أنا زوجتك الخالدة.

قلت: فأين الأخرى؟!

قالت: في قصرك الآخر.

قلت: فإني أقيم عندك الليلة.. ثم أتحول إلى تلك في غدٍ.. ومددت يدي نحوها.. فردتها إلى صدري ردًا رفيقًا.. وقالت: أما اليوم فلا.. إنك راجع إلى الدنيا..

فقلت: ما أحب أن أرجع.. ما أحب أن أرجع!!

فقالت: لابد، وستقيم ثلاثًا.. ثم تفطر عندنا في الثالثة إن شاء الله..

ثم قامت وتركتني.. فقمت لقيامها فزعًا مبهورًا!

قال أبو الوليد: ويأتي اليوم الأول بعد هذه الرؤيا.. فيقوم سعيد بن الحارث.. ويغتسل.. ويمس طيبًا.. ويصبح صائمًا.. ثم أخذ يقاتل العدو إلى الليل.. والناس يعجبون من إقحامه نفسه في المهالك.. وفي اليوم الثاني يصنع صنيعه بالأمس.. حتى إذا أتى اليوم الثالث.. قام فاغتسل وتطيب وأصبح صائمًا.. ثم شرع في القتال.. كأشجع ما يكون الرجال.. حتى إذا أوشكت الشمس للغروب.. رماه أحد الأعداء بسهم في نحره.. فسقط صريعًا إلى وجهه..

قال أبو الوليد: فأسرعت إليه، وابتدرته.. وأنا أقول: يا سعيد، هنيئًا لك ما تفطر عليه الليلة!! يا ليتني كنت معك!! قال: فأوما إلي بطرفه.. وعض شفته السفلى وهو يضحك.. يذكِّرني ما عاهدته عليه من الكتمان.. ثم نظر إلى السماء.. وتبسم.. وهو يقول: «الحمد لله الذي صدقنا وعده»..

فوالله ما تكلم بكلمة غيرها حتى مات..


قصة حارثة بن سراقة   


حارثة بن سراقة غلام من الأنصار .. له حادثة عجب ذكرها أصحاب السير وأصلها في صحيح

البخاري

دعا النبي صلى الله عليه وسلم الناس للخروج إلى بدر ..

فلما أقبلت جموع المسلمين كانت النساء ..

وكان من بين هؤلاء الحاضرين عجوز ثكلى ، كبدها حرى تنتظر مقدم ولدها ..

فلما دخل المسلمون المدينة بدأ الأطفال يتسابقون إلى آبائهم ، والنساء تسرع إلى أزواجها ،

والعجائز يسرعن إلى أولادهن ، .. وأقبلت الجموع تتتابع ..

جاء الأول .. ثم الثاني .. والثالث والعاشر والمائة ..ولم يحضر حارثة بن سراقة ..

وأم حارثة تنظر وتنتظر تحت حرّ الشمس ، تترقب إقبال فلذة كبدها ، وثمرةِ فؤادها ،

كانت تعد في غيابه الأيام بل الساعات ، وتتلمس عنه الأخبار ، تصبح وتمسي وذكره على

لسانها ..

تســــائل عنه كل غاد ورائح وتومــيء إلى أصحابه وتسلــم

فـللـه كـم مـن عـبرة مهراقة وأخـرى على آثارها لا تقــدم

وقــد شرقت عين العجوز بدمعها فتنظــر من بين الجموع وتكتم

وكانت إذا ما شدها الشوق والجوى وكاد

تذكـــر نفسـاً بالتلاقي وقربه وتوهمهــا لكنهـــا لا توهم

وكـــم يصبر المشتاق عمن يحبه وفي قلبـه نـار الأسى تتضــرم

ترقبت العجوز وترقبت فلم تر ولدها ..

فتحركت الأم الثكلى تجر خطاها إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ودموعها .. ..

فنظر الرحيم الشفيق إليها فإذا هي عجوز قد هدها الهرم والكبر ، وأضناها التعب وقلّ الصبر ،

وقد طال شوقها إلى ولدها ، تتمنى لو أنه بين يديها تضمه ضمة ، وتشمه شمة ولو كلفها ذلك

حياتها ..

اضطربت القدمان ، وانعقد اللسان ، وجرت بالدموع العينان ..

كبر سنها ، واحدودب ظهرها ، ورق عظمها ، ويبس جلدها ، واحتبس صوتها في حلقها ..

وقد رفعت بصرها تنتظر ما يجيبها الذي لا ينطق عن الهوى ..

فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم ذلها وانكسارها ، وفجيعتَها بولدها ، التفت إليها وقال :

ويحك يا أم حارثة أهبلت ؟! أوجنةٌ واحدة ؟! إنها جنان ، وإن حارثة قد أصاب الفردوس لأعلى ..

فلما سمعت العجوز الحرى هذا الجواب : جف دمعها ، وعاد صوابها ، وقالت : في الجنة ؟ قال :

نعم .

فقالت : الله أكبر .. ثم رجعت الأم الجريحة إلى بيتها ..

رجعت تنتظر أن ينزل بها هادم اللذات ..ليجمعها مع ولدها في الجنة ..

لم تطلب غنيمة ولا مالاً ، ولم تلتمس شهرة ولا حالاً ، وإنما رضيت بالجنة ..



القصص عن الكلم الطيب