أمل عبدربه

القدوة الحسنة

Leave a Comment


   القدوة الحسنة عامل مؤثر في الناس فـ به يمتثلون لسلوكيات قد تغيب عنهم إذا لم يجدوها في محيطهم واقعا معاش. وعليه فهي أكثر تأثيرا من  النصح والتعاليم التي لا يدعمها الجانب التجريبي المباشر.
 وأرى أن أفضل معلم هو أتباع القدوة الحسنة, وأول  مايمكن أن يقتدي به المرء هو محيطه ,كما أشرت سابقا.
 الأم أول مايثق به الأنسان ثم الأقرب فلأقرب. ولا أروع من مسلم صحيح يُقتدى به.. مسلم يحتذي برسولنا الكريم وصحابته وآل بيته.
فهل ننسى موقف الأدب لخيرة شباب الجنة الحسن والحسين ابنا علي بن ابي طالب رضى الله عنهم حين دخلا المسجد فوجدا رجلاً شيخاً ، يتوضأ فلا يحسن الوضوء ،ويصلي فلا يجيد الصلاة ، وأرادا أن يرشداه الى الطريقة الصحيحة في الوضوء والصلاة ، ولكنهما خشيا أن يشعراه بجهله ، واتفقا على رأي ، فقربا من الرجل ، وقال كل منهما لأخيه
:إنه أكمل منه وضوءًا وأقوم صلاةً ، ثم احتكما إلى الرجل، وقام كل منهما فتوضأ وأسبغ الوضوء ،
وصلى فخشع في صلاته واطمأن .
فلما رأى الرجل وضوءهما ، رجع إلى نفسه وأدرك أن في وضوئه نقصا وفي صلاته خطأ وقال لهما :
أحسنتما في وضوئكما وفي صلاتكما كما أحسنتما في إرشادكما . فبارك الله فيكما.
فكيف لا يكونا قدوة حسنة وهما سبطا سيدنا محمد أفضل خلق الله علية أفضل صلاة وأزكى سلام, من قال عنه عز من قائل:( وإنك لعلى خلق عظيم).
  وهل هناك قدوة أجلّ من  رسولنا الكريم الصادق الوعد الأمين ومنه نأخذ الأسوة الحسنة فانظر معي عزيزي القارىء الى هذا الموقف وتأمله جيدا:
  لما صدَّ المشركون الرسولَ - صلى الله عليه وسلم - وأصحابَه عن البيت الحرام، حين أرادوا العمرة عام الحديبية، وبعد إبرام الصلح مع قريش ( فَلَمّا فَرَغَ مِنْ قَضِيّةِ الْكِتَابِ قَالَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ قُومُوا فَانْحَرُوا ثُمّ احْلِقُوا فَوَاَللّهِ مَا قَامَ مِنْهُمْ رَجُلٌ وَاحِدٌ حَتّى قَالَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرّاتٍ فَلَمّا لَمْ يَقُمْ مِنْهُمْ أَحَدٌ قَامَ فَدَخَلَ عَلَى أُمّ سَلَمَة َ فَذَكَرَ لَهَا مَا لَقِيَ مِنْ النّاسِ فَقَالَتْ أُمّ سَلَمَةَ يَا رَسُولَ اللّهِ أَتُحِبّ ذَلِكَ ؟ اُخْرُجْ ثُمّ لَا تُكَلّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ كَلِمَةً حَتّى تَنْحَرَ بُدْنَك وَتَدْعُوَ حَالِقَك فَيَحْلِقَكَ فَقَامَ فَخَرَجَ فَلَمْ يُكَلّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ حَتّى فَعَلَ ذَلِكَ نَحَرَ بُدْنَهُ وَدَعَا حَالِقَهُ فَحَلَقَهُ فَلَمّا رَأَى النّاسُ ذَلِكَ قَامُوا فَنَحَرُوا وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَحْلِقُ بَعْضًا حَتّى كَادَ بَعْضُهُمْ يَقْتُلُ بَعْضًا غَمّا)
هنا نرى مدى تأثير الفعل أنه أقوى  بكثيرمن تأثير القول وهذا ما رأيناه في الحديث السابق.
  ومن مواقف القدوة : ان ملك عمان قال  بعد ان  التقى  رسولنا الكريم:" والله ما دلني على هذا النبي الأمي ، إلا أنه لا يأمر بخير إلا كان أول آخذ به ، ولا ينهى عن شيء إلا كان أول تارك له وأنه يغِلب فلا يبطر ، ويُغلب فلا يضجر ، ويفي بالعهد ، وينجز الوعد.
ومن أخبار الصحابة رضوان الله عليهم موقف
   الفاروق  رضي الله عنه:
   إنه كان إذا أراد إنفاذ أمر ، جمع أهله وخاصته وقال: إني قد أمرت الناس بكذا ، ونهيتهم عن كذا ، والناس كالطير إن رأوكم وقعتم وقعوا ، وايم الله لا أوتين بواحد ، وقع فيما نهيت الناس عنه، إلا ضاعفت له العقوبة لمكانته مني.
 أما عن السلف الصالح فإليكم هذه القصة العظيمة وهي عن الامام أحمد :
يروى أن أبا جعفر الأنباري صاحب الِإمام أحمد عندما أُخبر بحمل الإِمام أحمد للمأمون في الأيام الأولى للفتنة.
عبر الفرات إليه فإذا هو جالس في الخان، فسلم عليه، وقال: يا هذا أنت اليوم رأسٌ والناس يقتدون بك، فوالله لئن أجبتَ إلى خلق القرآن ليجيبنَّ بإجابتك خلق من خلق الله، وإن أنت لم تجب ليمتنعنَّ خلق من الناس كثير، ومع هذا فإن الرجل- يعني المأمون - إن لم يقتلك فأنت تموت، ولا بد من الموت فاتق الله ولا تجبهم إلى شيء.
فجعل أحمد يبكي ويقول: ما قلت؟ فأعاد عليه فجعل يقول: ما شاء الله، ما شاء الله.
وتمر الأيام عصيبة على الِإمام أحمد، ويمتحن فيها أشدّ الامتحان ولم ينس نصيحة الأنباري، فها هو المروزي أحد أصحابه يدخل عليه أيام المحنة ويقول له: "يا أستاذ قال الله تعالى: ( و لا تقتلوا أنفسكم ) فقال أحمد: يا مروزي اخرج، انظر أي شيء ترى ! قال: فخرجتُ إلى رحبة دار الخليفة فرأيت خلقًا من الناس لا يحصي عددهم إلا الله والصحف في أيديهم والأقلام والمحابر في أذرعتهم، فقال لهم المروزي: أي شيء تعملون؟ فقالوا: ننظر ما يقول أحمد فنكتبه، قال المروزي: مكانكم.
فدخل إلى أحمد بن حنبل فقال له: رأيت قومًا بأيديهم الصحف والأقلام ينتظرون ما تقول فيكتبونه فقال: يا مروزي أضل هؤلاء كلهم ! أقتل نفسي ولا أضِل هؤلاء".
فأبحث عزيزي المسلم عن القدوة الصالحة وكن قدوة لغيرك تنال خير الدنيا والآخرة.

0 التعليقات:

إرسال تعليق