أمل عبدربه

قصص جميلة عن الخاتمة

Leave a Comment



قصة أي شيء فاتك يا محروم؟!

* قال قاسم بن عثمان الخزاعي: رأيت في الطواف حول البيت رجلاً، فأعجبني حاله، فتقربت منه، فإذا هو لا يزيد في دعائه على قوله:

«اللهم قضيت حاجة المحتاجين، وحاجتي لم تقض».. «اللهم قضيت حاجة المحتاجين وحاجتي لم تقض».. فقلت له: مالك لا تزيد على هذا؟!

فقال: سأحدثك حديثًا علَّ الله أن ينفعك به..

كنا سبعة رفقاء من بلدان شتى، غزونا أرض الروم، فوقعنا كلنا في الأسر، فاعتزل بنا بعض الروم إلى موضع ليضربوا أعناقنا.. فبينما نحن على تلك الحال.. نظرت إلى السماء.. فإذا سبعة أبواب مفتحة.. على كل باب جارية من الحور العين.. مع كل حوراء طست ومناديل!! فقدن رجل منا.. فضربت عنقه.. فرأيت واحدة منهن قد هبطت إليه.. ومسحت دمه بتلك المناديل.. ثم عادت.. وأغلق باب..

وهكذا.. حتى ضربت أعناق الستة.. وبقيت أنا.. ونظرت إلى السماء.. فإذا لم يبق إلا باب وجارية.. فلما قدمت لتضرب عنقي.. استوهبني أحد الروم.. فوهبت له.. وعفي عني.. فسمعتها تقول:

أي شيء فاتك يا محروم؟! ثم أغلقت الباب وأنا أنظر.. فلم أزل متحسرًا على ما فاتني حتى ألقاه!!





قصة ما أحبُّ أن أرجع..

قال أبو الوليد بن هشام بن يحيى الكناني: غزونا أرض الروم، وكنا نتناوب الخدمة والحراسة، وكان معنا رجل يقال له: (سعيد بن الحارث) قد أعطي حظًا من العبادة، لا تراه إلا صائمًا، أو قائمًا، أو ذاكرًا لله، أو قارئًا للقرآن، فكنت أعاتبه على كثرة اجتهاده، وأقول له: أرفق بنفسك.. فكان يقول: «يا أبا الوليد، إنما هي أنفاس تُعَدُّ، وعمر يفنى، وأيام تنقضي، وما ننتظر إلى الموت..».

قال أبو الوليد: فنام سعيد بن الحارث يومًا في خباء، وأنما في الحراسة. فسمعت كلامًا داخل الخباء، فدخلته.. فإذا بسعيد يتكلم في منامه ويضحك!!.. ويقول وهو نائم: «ما أحب أن أرجع.. ما أحب أن أرجع»!! ثم مد يده اليمنى وكأنه يتناول شيئًا.. ثم ردها إلى صدره ردًا رفيقًا وهو يضحك.. ثم وثب من نومه يرتعد.. فأتيته، واحتضنته إلى صدري وهو يلتفت يمينًا وشمالاً حتى سكن.. ثم جعل يهلل ويكبر ويحمد الله.

فقلت له: مالك يا سعيد؟ ما شأنك؟! وحكيت له ما رأيت من حاله في المنام.. فقال: يا أبا الوليد، أسألك بالله أن تكتم علي ما أحدثك به ما دمت حيًا.. فأعطيته العهد ألا أخبر بحديثه ما دام حيًا.. فقال لي: يا أبا الوليد.. رأيت في منامي هذا كأن القيامة قد قامت.. وخرج العباد من قبورهم.. شاخصة أبصارهم.. ثم أتاني رجلان لم أر مثلهما قطُّ حسنًا وكمالاً.. فقال لي: يا سعيد بن الحارث، أبشر: .. أبشر.. فقد غفر الله ذنبك، وشكر سعيك، وقبل منك عملك.. فانطلق معنا حتى نريك ما أعد الله لك من النعيم المقيم.. والرضوان العظيم..

قال سعيد: فانطلقت معهما على خيل كالبرق الخاطف، حتى أتينا إلى قصر عظيم، لا يقع الطرف على أوله ولا آخره ولا ارتفاعه.. كأنه نور يتلألأ.. فانفتح لنا، فإذا فيه من الحور الحسان.. ما لا يصفه واصف.. فإذا بهن يقلن: هذا ولي الله! جاء حبيب الله! مرحبًا بولي الله!!

قال: فسرنا حتى انتهينا إلى مجالس ذات أسرة من ذهب، مكللة بالجواهر، وإذا على كل سرير جارية حسناء لا أستطيع وصفها.. وفي وسطهن حوراء عالية عليهن.. يحار في حسنها الطرف.. ووثب الجواري نحوي بالترحيب والحفاوة، كما يصنع أهل الغائب بغائبهم إذا قدم عليهم.. فأخذنني، وأجلسنني إلى جانب تلك الحوراء.. وقلن لي: هذه هي زوجتك، ولك مثلها معها!!

قال سعيد: فقلت لها: أين أنا؟!

قالت: في جنة المأوى.

قلت: من أنت؟

قالت: أنا زوجتك الخالدة.

قلت: فأين الأخرى؟!

قالت: في قصرك الآخر.

قلت: فإني أقيم عندك الليلة.. ثم أتحول إلى تلك في غدٍ.. ومددت يدي نحوها.. فردتها إلى صدري ردًا رفيقًا.. وقالت: أما اليوم فلا.. إنك راجع إلى الدنيا..

فقلت: ما أحب أن أرجع.. ما أحب أن أرجع!!

فقالت: لابد، وستقيم ثلاثًا.. ثم تفطر عندنا في الثالثة إن شاء الله..

ثم قامت وتركتني.. فقمت لقيامها فزعًا مبهورًا!

قال أبو الوليد: ويأتي اليوم الأول بعد هذه الرؤيا.. فيقوم سعيد بن الحارث.. ويغتسل.. ويمس طيبًا.. ويصبح صائمًا.. ثم أخذ يقاتل العدو إلى الليل.. والناس يعجبون من إقحامه نفسه في المهالك.. وفي اليوم الثاني يصنع صنيعه بالأمس.. حتى إذا أتى اليوم الثالث.. قام فاغتسل وتطيب وأصبح صائمًا.. ثم شرع في القتال.. كأشجع ما يكون الرجال.. حتى إذا أوشكت الشمس للغروب.. رماه أحد الأعداء بسهم في نحره.. فسقط صريعًا إلى وجهه..

قال أبو الوليد: فأسرعت إليه، وابتدرته.. وأنا أقول: يا سعيد، هنيئًا لك ما تفطر عليه الليلة!! يا ليتني كنت معك!! قال: فأوما إلي بطرفه.. وعض شفته السفلى وهو يضحك.. يذكِّرني ما عاهدته عليه من الكتمان.. ثم نظر إلى السماء.. وتبسم.. وهو يقول: «الحمد لله الذي صدقنا وعده»..

فوالله ما تكلم بكلمة غيرها حتى مات..


قصة حارثة بن سراقة   


حارثة بن سراقة غلام من الأنصار .. له حادثة عجب ذكرها أصحاب السير وأصلها في صحيح

البخاري

دعا النبي صلى الله عليه وسلم الناس للخروج إلى بدر ..

فلما أقبلت جموع المسلمين كانت النساء ..

وكان من بين هؤلاء الحاضرين عجوز ثكلى ، كبدها حرى تنتظر مقدم ولدها ..

فلما دخل المسلمون المدينة بدأ الأطفال يتسابقون إلى آبائهم ، والنساء تسرع إلى أزواجها ،

والعجائز يسرعن إلى أولادهن ، .. وأقبلت الجموع تتتابع ..

جاء الأول .. ثم الثاني .. والثالث والعاشر والمائة ..ولم يحضر حارثة بن سراقة ..

وأم حارثة تنظر وتنتظر تحت حرّ الشمس ، تترقب إقبال فلذة كبدها ، وثمرةِ فؤادها ،

كانت تعد في غيابه الأيام بل الساعات ، وتتلمس عنه الأخبار ، تصبح وتمسي وذكره على

لسانها ..

تســــائل عنه كل غاد ورائح وتومــيء إلى أصحابه وتسلــم

فـللـه كـم مـن عـبرة مهراقة وأخـرى على آثارها لا تقــدم

وقــد شرقت عين العجوز بدمعها فتنظــر من بين الجموع وتكتم

وكانت إذا ما شدها الشوق والجوى وكاد

تذكـــر نفسـاً بالتلاقي وقربه وتوهمهــا لكنهـــا لا توهم

وكـــم يصبر المشتاق عمن يحبه وفي قلبـه نـار الأسى تتضــرم

ترقبت العجوز وترقبت فلم تر ولدها ..

فتحركت الأم الثكلى تجر خطاها إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ودموعها .. ..

فنظر الرحيم الشفيق إليها فإذا هي عجوز قد هدها الهرم والكبر ، وأضناها التعب وقلّ الصبر ،

وقد طال شوقها إلى ولدها ، تتمنى لو أنه بين يديها تضمه ضمة ، وتشمه شمة ولو كلفها ذلك

حياتها ..

اضطربت القدمان ، وانعقد اللسان ، وجرت بالدموع العينان ..

كبر سنها ، واحدودب ظهرها ، ورق عظمها ، ويبس جلدها ، واحتبس صوتها في حلقها ..

وقد رفعت بصرها تنتظر ما يجيبها الذي لا ينطق عن الهوى ..

فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم ذلها وانكسارها ، وفجيعتَها بولدها ، التفت إليها وقال :

ويحك يا أم حارثة أهبلت ؟! أوجنةٌ واحدة ؟! إنها جنان ، وإن حارثة قد أصاب الفردوس لأعلى ..

فلما سمعت العجوز الحرى هذا الجواب : جف دمعها ، وعاد صوابها ، وقالت : في الجنة ؟ قال :

نعم .

فقالت : الله أكبر .. ثم رجعت الأم الجريحة إلى بيتها ..

رجعت تنتظر أن ينزل بها هادم اللذات ..ليجمعها مع ولدها في الجنة ..

لم تطلب غنيمة ولا مالاً ، ولم تلتمس شهرة ولا حالاً ، وإنما رضيت بالجنة ..



القصص عن الكلم الطيب

0 التعليقات:

إرسال تعليق